اتحاد شركات التأمين يستعرض أحدث الاتجاهات العالمية في معالجة شكاوى العملاء
اتحاد شركات التأمين يستعرض أحدث الاتجاهات العالمية في معالجة شكاوى العملاء
كتبت – عبير أحمد
شهدت النشرة الأسبوعية رقم 400 الصادرة عن الاتحاد المصري لشركات التأمين طرحاً تحليلياً موسعاً لأبرز التحولات التي تشهدها صناعة التأمين في مجال إدارة شكاوى العملاء، مؤكدة أن العصر الرقمي فرض على الشركات واقعاً جديداً يقوم على التفاعل السريع، والتخصيص، وبناء الثقة كأحد ركائز التنافسية.
أشارت النشرة إلى أن معالجة الشكاوى لم تعد مجرد استجابة لمشكلة قائمة، بل أصبحت استراتيجية متكاملة تهدف إلى تحسين تجربة العميل وتعزيز الولاء، في ظل التطور التكنولوجي والمنافسة القوية التي تفرضها شركات التكنولوجيا التأمينية «إنشورتك».
وتناولت النشرة في محاورها عدداً من الاتجاهات الحديثة التي تتبناها الشركات الرائدة في العالم، بدءاً من تطبيق مفهوم تجارب القنوات المتعددة، مروراً بتطوير خدمات الخدمة الذاتية، وصولاً إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في تقييم المخاطر وتخصيص المنتجات والخدمات.
أوضحت النشرة أن تجارب القنوات المتعددة أصبحت تمثل محوراً رئيسياً في تفاعل شركات التأمين مع عملائها، إذ تتيح إمكانية متابعة الشكاوى أو الطلبات عبر أكثر من وسيلة بشكل متكامل دون الحاجة إلى تكرار البيانات، وهو ما يعزز من رضا العملاء ويرفع كفاءة الأداء.
وأكد التقرير أن تطبيق هذا المفهوم يتطلب استثمارات ضخمة في تحديث البنية التكنولوجية وربط قواعد البيانات القديمة بأنظمة حديثة تتيح رؤية موحدة لكل عميل، فضلاً عن ضرورة تطوير ثقافة مؤسسية تشجع على التعاون بين إدارات المبيعات والمطالبات وخدمة العملاء لتحقيق التكامل في الأداء.
وفي جانب آخر، ركزت النشرة على الخدمة الذاتية باعتبارها ضرورة استراتيجية لا ترفاً اختيارياً، مشيرة إلى أن العملاء، خاصة من الأجيال الشابة، يفضلون إنجاز معاملاتهم بأنفسهم عبر الإنترنت دون الرجوع إلى موظفي الخدمة. وأوضحت أن توفير بوابات إلكترونية سهلة الاستخدام وتطبيقات ذكية على الهواتف المحمولة أصبح مطلباً أساسياً لأي شركة ترغب في الحفاظ على تنافسيتها.
كما تناولت النشرة الأبعاد الأمنية والتنظيمية المصاحبة لهذه التطورات، مؤكدة أن حماية البيانات التأمينية الحساسة تمثل أولوية قصوى تتطلب تطبيق أعلى معايير التشفير والمصادقة المتعددة لضمان الثقة بين العميل والشركة.
وأشارت إلى أن استخدام تقنيات التحليل التنبئي والذكاء الاصطناعي في تقييم المخاطر يسهم في نقل الصناعة من النماذج التقليدية إلى منظومة أكثر دقة وشمولاً، حيث يمكن تحليل كميات ضخمة من البيانات في الوقت الفعلي لتصميم وثائق تأمين مخصصة لكل عميل بناءً على سلوكه ومخاطره الفردية.
وأضافت النشرة أن هذه التقنيات أصبحت تطبق عملياً في مجالات متعددة مثل تأمين السيارات، حيث تستخدم أجهزة القياس عن بُعد لتحليل أسلوب القيادة وتحديد الأقساط بناء على السلوك، وكذلك في التأمين الصحي الذي يعتمد على بيانات الأجهزة القابلة للارتداء لتقدير المخاطر الصحية وتقديم حوافز للمشتركين الأكثر التزاماً بأنماط الحياة الصحية.
وأكدت النشرة أن التخصيص أصبح من أهم عناصر التنافسية، إذ يمنح العملاء شعوراً بأن الشركة تفهم احتياجاتهم وتقدم لهم حلولاً مصممة خصيصاً لهم، مما يعزز الثقة ويزيد من معدلات الاحتفاظ بالعملاء.
كما تطرقت النشرة إلى الدور المتنامي لشركات التكنولوجيا التأمينية التي فرضت نماذج أعمال مبتكرة تعتمد على الأتمتة والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، موضحة أن هذه الشركات أعادت تشكيل المشهد التأميني العالمي من خلال حلول أكثر مرونة وسرعة وتكلفة أقل، دفعت الشركات التقليدية إلى إعادة النظر في استراتيجياتها التشغيلية وخدمة عملائها.
وأشارت إلى أن التعاون بين شركات التأمين التقليدية وهذه الشركات الناشئة يمثل مستقبل الصناعة، حيث يجمع بين الخبرة الطويلة للشركات الكبرى والابتكار التقني للشركات الحديثة، بما يخلق منظومة متكاملة قادرة على مواكبة تطلعات العملاء.
وتناولت النشرة كذلك أهمية البساطة والسرعة في معالجة الشكاوى باعتبارهما حجر الأساس لرضا العملاء، داعية شركات التأمين إلى تبسيط النماذج والإجراءات وتفويض موظفي الصف الأمامي باتخاذ قرارات سريعة، مع توظيف التكنولوجيا لتسريع دورة معالجة الشكوى من بدايتها حتى حلها.
وشددت على ضرورة قياس مؤشرات الأداء مثل متوسط وقت الحل ومعدل الحل في الاتصال الأول ودرجة رضا العملاء ومؤشر جهد العميل لضمان تحقيق أهداف التحسين المستمر.
وأكد التقرير أن التوازن بين السرعة والجودة ضروري لتجنب أخطاء المعالجة السريعة التي قد تؤثر سلباً على سمعة الشركات، مع ضرورة توضيح المدد الزمنية المتوقعة لحل الشكاوى المعقدة وإبقاء العملاء على اطلاع دائم بمستجداتها.
كما أبرزت النشرة التحول الاستراتيجي في صناعة التأمين من التركيز على المنتج إلى التركيز على العميل، موضحة أن النموذج الحديث يقوم على فهم احتياجات العملاء وتصميم المنتجات والتفاعلات بما يلبي تلك الاحتياجات عبر جميع مراحل رحلتهم مع الشركة.
ودعت النشرة إلى بناء ثقافة مؤسسية تتمحور حول العميل، من خلال تدريب العاملين على مهارات التواصل الفعّال والاستماع، وتبني القيادة العليا لهذا النهج، وتفعيل آليات صوت العميل لجمع وتحليل الملاحظات بشكل مستمر، بما ينعكس على تحسين الخدمات وتطوير المنتجات.
وأشارت إلى أن التخصيص أصبح جزءاً لا يتجزأ من التجربة التأمينية الحديثة، إذ يمكن باستخدام تحليلات البيانات تقديم خدمات ذات قيمة مضافة وابتكار حلول تأمينية تتناسب مع ظروف كل عميل على حدة، إلى جانب ضمان الشفافية الكاملة في العقود والتواصل الفعّال في جميع مراحل التعامل.
كما سلطت النشرة الضوء على أهمية تبسيط المدفوعات باعتبارها عنصراً رئيسياً في رحلة العميل المالية، موضحة أن تطبيق أنظمة الدفع الرقمي والدفع التلقائي والمدفوعات الفورية للمطالبات يعزز من رضا العملاء ويقلل من معدلات الشكاوى المرتبطة بالتأخير أو التعقيد في الإجراءات.
ولفتت إلى أن استخدام تقنيات البلوك تشين في تسوية المدفوعات والتعاملات المالية يمثل اتجاهاً مستقبلياً واعداً، لما توفره من شفافية وسرعة وأمان في تنفيذ المعاملات، إلى جانب دورها في تقليل الحاجة إلى الوسطاء.
وفي ختامها، شددت النشرة على أن تبسيط الاتصال وإدارة المحتوى أصبحا من أهم الأدوات في تقليل الشكاوى وتحسين تجربة العملاء، داعية الشركات إلى اعتماد لغة واضحة خالية من المصطلحات الفنية، وتبني أنظمة إدارة محتوى رقمية تضمن تناسق الرسائل وسهولة الوصول إلى المعلومات عبر مختلف القنوات.
وأكد الاتحاد أن نجاح شركات التأمين في المستقبل سيتوقف على مدى قدرتها على الدمج بين التكنولوجيا الحديثة والفهم العميق لاحتياجات عملائها، لبناء تجربة تأمينية ذكية، مرنة، وسريعة الاستجابة، تحقق الرضا والثقة الدائمة بين الطرفين.







