التأمين

الرقابة المالية تطلق قواعد جديدة لحوكمة شركات التأمين والإعادة لدعم الشفافية وتعزيز الثقة في السوق

الرقابة المالية تطلق قواعد جديدة لحوكمة شركات التأمين والإعادة لدعم الشفافية وتعزيز الثقة في السوق

في خطوة تعكس توجه الدولة نحو ترسيخ معايير الحوكمة الرشيدة في المؤسسات المالية، أصدرت الهيئة العامة للرقابة المالية القرار رقم 200 لسنة 2025 بشأن قواعد حوكمة شركات التأمين وإعادة التأمين، في إطار سعيها لتطوير القطاع التأميني وضمان استدامته وقدرته على مواجهة التحديات الاقتصادية والمخاطر العالمية. القرار يمثل تحولًا استراتيجيًا نحو بيئة أعمال أكثر شفافية وتوازنًا، ويعد خطوة محورية في تعزيز كفاءة الشركات وحماية حقوق المتعاملين.

القرار الجديد وضع إطارًا شاملًا لإدارة شركات التأمين وفق مبادئ النزاهة والمساءلة، حيث ألزم كل شركة بإعداد لائحة داخلية للحوكمة تتضمن سياسات الرقابة الداخلية وإدارة المخاطر والاستثمار والاكتتاب وتسوية المطالبات، مع تقديمها للهيئة خلال شهر من اعتمادها ومراجعتها سنويًا. الهدف من ذلك بناء ثقافة مؤسسية قائمة على الإفصاح والالتزام، بما يضمن سلامة القرارات ويمنع تضارب المصالح ويعزز ثقة المساهمين وحملة الوثائق.

ركزت القواعد الجديدة على استقلالية مجالس الإدارات وتوزيع السلطات داخل الشركات، إذ نص القرار على أن تضم المجالس أعضاء تنفيذيين وغير تنفيذيين ومستقلين بنسبة تحقق التوازن والرقابة المتبادلة، مع إلزام الشركات بالفصل بين منصب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمنع تداخل الصلاحيات. كما تم تحديد معايير دقيقة لصفة العضو المستقل لضمان الحياد في اتخاذ القرارات.

وتضمن القرار إنشاء لجان متخصصة لدعم عمل مجالس الإدارات، من بينها لجنة المراجعة الداخلية، لجنة المخاطر، لجنة الاستثمار، لجنة الحوكمة، ولجنة حماية حقوق حملة الوثائق. كما تم إدخال لجنة جديدة للممارسات البيئية والمجتمعية والحوكمة المناخية تأكيدًا على دمج الاستدامة ضمن سياسات الشركات بما يتماشى مع توجه الدولة نحو الاقتصاد الأخضر وتمويل التنمية المستدامة.

ألزمت الهيئة الشركات بإصدار تقرير سنوي عن الحوكمة يتضمن تفاصيل هيكل الملكية وتشكيل المجلس والمكافآت والالتزام بالقوانين، بالإضافة إلى عرض أي مخالفات أو إجراءات تصحيحية، على أن يُنشر ملخص التقرير للجمهور. هذه الخطوة تعزز الشفافية وتمنح العملاء والمستثمرين رؤية واضحة لأداء الشركات.

وفي ظل التحول الرقمي الذي تشهده الدولة، شجع القرار على استخدام الأنظمة الإلكترونية في اجتماعات الجمعيات العامة ومجالس الإدارات والتصويت عن بعد، بما يسهم في تسريع الإجراءات وتقليل البيروقراطية، إلى جانب تمكين تتبع إلكتروني للاجتماعات والمداولات بما يعزز من الشفافية والرقابة اللحظية.

كما أقر القرار بضرورة تعيين مسؤول للحوكمة في كل شركة، يتولى متابعة تنفيذ السياسات والتأكد من الالتزام بمعاييرها ورفع تقارير دورية للهيئة، في خطوة تعكس تحول الحوكمة من مجرد التزام تنظيمي إلى ممارسة تشغيلية يومية تشمل جميع المستويات الإدارية.

ومن المتوقع أن يسهم القرار في جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية للقطاع التأميني المصري من خلال توفير بيئة أعمال قائمة على الانضباط والوضوح، مما يمنح السوق مصداقية أكبر أمام مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية. كما أنه سيؤدي إلى تحسين جودة الخدمات التأمينية ورفع مستوى كفاءة الشركات بما يزيد من ثقة العملاء والمستثمرين.

ورغم أن تطبيق القرار يواجه تحديات مثل نقص الكفاءات المؤهلة في مجال الحوكمة أو الحاجة إلى تطوير البنية الرقمية للشركات، فإن الهيئة وضعت آليات متابعة دقيقة تتضمن تقارير ربع سنوية لمراجعة التنفيذ، مع إمكانية مد فترات التوفيق ومتابعة الالتزام بشكل دوري لضمان تحقيق الأهداف.

يمثل قرار الرقابة المالية بشأن حوكمة شركات التأمين خطوة متقدمة نحو بناء قطاع مالي غير مصرفي قوي وشفاف، يواكب التطورات العالمية ويعزز مكانة مصر كمركز إقليمي في مجالات التأمين وإعادة التأمين، ويدعم في الوقت ذاته رؤية الدولة نحو الشمول المالي والاستدامة الاقتصادية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى